تربويون يؤكدون:
الفراغ والخلافات الأسرية وراء ظاهرة العنف بالمدارس
جازان - علي المدخلي:
انتشار العنف بين تلاميذ مدارسنا في مرحلة المراهقة مسألة تحتاج لإعادة نظر ووقفة جادة للتصدي لهذه الظاهرة الوافدة على مجتمعنا المدرسي.
بعض المختصين يرون ان الأسباب تعود لوقت الفراغ الكبير غير المستغل وغياب بأهمية العلم بجانب ضعف الوازع الديني والعلاقة بين أفراد الأسرة ووجود خلل في توعية الطلاب بأهمية المشاركة في الأنشطة الطلابية وعدم قيام أولياء الأمور بتوعية أبنائهم العلاقة بين الأسرة والمدرسة.
ومجموعة أخرى من المختصين يطرحون العلاج للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة وتشمل ضرورة زرع الجو الديمقراطي في المدرسة والمشاركة الفردية والجماعية في الأنشطة المدرسية اليومية من إذاعة
وتنظيم المسابقات والندوات والابتعاد عن أسلوب التلقين في التدريس واستخدام أسلوب التعلم بالوسيلة وتفعيل دور المجالس الطلابية وجذب الطالب للمدرسة بأسلوب الترغيب وليس الترهيب.
يشير الأستاذ حسين البجوي مدير مدرسة سابق إن أسباب العنف في المدارس يرجع إلى عدم اهتمام بعض إدارات المدارس بمقترحات الطلاب والتركيز على الطلاب المتفوقين في المدرسة وإهمال الطلاب المقصرين وعدم توافر أماكن مخصصة للأنشطة والأسلوب الاستفزازي من بعض المدرسين وعدم القدرة على التعامل مع الطلاب بطرق تربوية صحيحة.. وعدم فهم الطالب جيداً في حالة انتقاله من مرحلة دراسية لأخرى خاصة في سن المراهقة ووجود شحنة زائدة لدى الطالب يفرغها في المدرسة بالعنف وعدم اهتمام بعض إدارات المدارس بالمحاضرات اليومية التوعية وانفصال أحد الوالدين عن الآخر مما له تأثير عكسي على الطالب ووجود وقت فراغ متسع غير مستغل نظراً لعدم توعية الطلاب من قبل المدرسة بالمشاركة في الأنشطة.
ويرى إن العلاج للتصدي لهذه الظاهرة يمكن أن ينحصر في زرع الجو الديمقراطي بالمدرسة والمشاركة الفردية والجماعية في الأنشطة المدرسية اليومية والمشاركة في الأنشطة الخارجية وتنظيم الزيارات الميدانية للاطلاع على كل ما هو مفيد للعملية التعليمية.. والابتعاد عن أسلوب التلقين في التدريس واستخدام أسلوب التعلم بالوسيلة وتغيير أماكن الدراسة من الفصل الدراسي إلى المكتبة أو المسجد أو حديقة المدرسة حيث أصبح الفصل مملا.. وجذب الطالب إلى المدرسة بأسلوب الترغيب وليس الترهيب والاستعانة بالمتخصصين في حل المشكلات وطرح المحاضرات ومشاركة أولياء الأمور في حل المشكلات وتفعيل دور المجالس الطلابية وبث روح المحبة بين كافة الطلاب.
وطالب بضرورة بمكافأة الطالب المتميز بكتاب شكر أو جائزة رمزية وتنبيه الطلاب بمخاطر الشاشة المرئية في حالة استخدامهم لهذه الوسيلة بطريقة غير صحيحة.
ويشير الأخصائي النفسي الدكتور يحيى مهاوش إلى أن من بين أسباب انتشار ظاهرة العنف بين الطلاب في مرحلة المراهقة ضعف الوازع الديني وضعف العلاقة بين أفراد الأسرة وضعف العلاقة بين الأسرة والمدرسة.. مشيراً إلى أن وراء هذه العوامل الثلاثة تختفي مجموعة من السلوكيات غير السوية أو مجموعة من الظواهر المرفوضة دينياً واجتماعياً وإنسانياً ومنها ظاهرة العنف والمشاجرات بين الطلاب.
ويرى لعلاج الظاهرة ضرورة تتبع دوائر الضعف وتقويتها موضحاً أن قوة الإيمان وصدقه لدى الفرد يجعل العلاقة بين أفراد الأسرة علاقة وثيقة وصحية وبالتالي تصبح علاقة الأسرة بالمدرسة علاقة إيجابية وينعكس ذلك في سلوك الطلاب وتصرفاتهم.
علاقات سوية
ويشير الأستاذ مدني أبو السيل إلى أن الصحة النفسية مهمة للمجتمع بمؤسساته المختلفة مثل الأسرة والمدرسة ومكان العمل، ففي الأسرة.. تعتبر صحة الأبوين النفسية عاملاً هاماً يؤدي إلى تماسك الأسرة ونمو الطفل نمواً نفسياً سليماً.. وفي المدرسة تعتبر الصحة النفسية ضرورية فالعلاقات السوية بين الإدارة والمدرسة وبين المدرسين وبعضهم تؤدي لنمو سليم في الخلية التعليمية الأساسية.
وقال أن العلاقات الاجتماعية في المدرسة تؤثر على الصحة النفسية للطالب والعلاقات الجيدة بين المدرس والطالب تؤدي إلى النمو التربوي السليم كما أن العلاقة الجيدة بين المدرسة والمنزل تساعد على رعاية النمو النفسي للأبناء.
وأوضح أن بعض سلوكيات العنف بين الطلاب غالباً ما تظهر في مرحلة مراهقتهم وأسبابها تعود للحساسية الانفعالية ورغبة الطالب في السعي لتأكيد ذاته بجانب تصنيفه لنفسه ضمن البالغين الذين لا يحتاجون للنصح والإرشاد بالإضافة إلى المؤثرات الإعلامية والثقافية التي بدأت تغزو عقول طلابنا من خلال ما يتم بثه عبر الفضائيات والتي تخالف قيمنا الإسلامية وبعض عاداتنا وتقاليدنا كل ذلك يعطي الفرصة لبعض الأبناء لاختيار سلوكيات غير مبررة تعبر عن أحاسيسهم ومشاعرهم ورغبة في الانطلاق بعيداً عن التعقل.
ويطالب بضرورة عدم إتاحة الفرصة أمام طلاب المراهقة لإطلاق العنان لهم للاتجاه العاطفي بشكل أكثر من اللازم، حيث أنهم بحاجة للرعاية من خلال التوعية على مستوى كافة المؤسسات التعليمية والاجتماعية المتعاملة مع هؤلاء الطلاب.
أصدقاء السوء
ويقول هادي المدخلي أن لأصدقاء السوء أكبر الأثر في انتشار وتمادي ظاهرة العنف بين الطلاب ولاسيما تحريض بعض الطلاب لزملائهم الآخرين على العنف والمشاجرة. س
ويطالب بضرورة تغيير بيئة الطالب الداخلية بنقله من فصل إلى آخر أو خارجياً من مدرسة لأخرى للحد من ظاهرة العنف. وقال المدخلي أن عوامل ضعف الحياة الاجتماعية داخل المنزل من تعدد الزوجات أو وفاة أحد الوالدين يؤثر بشكل واضح على سلوكيات الطالب في المدرسة وخارجها.
وأكد أن أسباب اندلاع ظاهرة العنف في مدارسنا يرجع لغياب الأنشطة التي يمكن أن تستوعب طاقات الطلاب في الأنشطة الرياضية والفنية وسد حالة الفراغ التي يعيشها الغالبية العظمى من الطلاب.
ويشير يحيى مشهور إلى أن غلبة سمة التقليد بين الطلاب المراهقين تعتبر من أحد أسباب انتشار العنف بينهم خاصة في اتجاههم لتقليد ما يشاهدونه في الأفلام والمسلسلات. وقال أن انتشار ظاهرة العنف تتركز أساساً بين الطلاب الفاشلين دراسياً وذلك لارتباط التفوق العلمي بالسلوك السوي ونادراً ما نجد وقوع مثل هذه التجاوزات بين الطلاب المتفوقين.. ويرى مشهور أن تنابذ الطلاب بالألقاب وشعور البعض منهم بالأفضلية والتفوق الجسمي والعضلي يدفعهم لمحاولة قهر الآخرين أو التسلط عليهم مما يؤدي لتكوين ما يسمى بالشلة وبما يسهم في النهاية إلى تقسيم المدرسة لمجموعات من الشلل المتصارعة والمتنازعة.
ويقول محمد حمدي أن المشاكل الاجتماعية والأسرية من قهر الأب لابنه أو إهماله يؤدي في النهاية لدعمه بسلوكيات عنيفة يستخدمها خارج المنزل مثل الاعتداء على الآخرين بمحاولة تعويض النقص الاجتماعي في المنزل.
من جانبه قال الطالب لؤي فقيهي أن أغلب المشاجرات الطلابية تقع في نهاية العام الدراسي وبخاصة في الأيام الأخيرة أو اليوم الأخير من الامتحانات.. والسبب يرجع في ذلك إلى ما يدور في ذهن الطالب العدواني أو التمرد أن عقاب الفصل غير رادع في هذه المرحلة وهذا التوقيت من نهاية العام الدراسي.
وطالب بضرورة سريان الفصل للطالب العدواني حتى نهاية العام الدراسي حتى لا يخل الطالب بأنظمة ولوائح القوانين الدراسية.
ويشير زميله فهد حلوي إلى أن غياب الأنشطة الطلابية المكثفة وعدم تشجيع الطلاب على الانخراط فيها والوقت المتسع من الفراغ المتاح أمامه يسهم بشكل ملموس في وقوع المشاجرات الطلابية.
وأشار إلى أن معظم المعارك الطلابية تحدث في المرحلة المتوسطة دون الثانوية بسبب التغيرات الفسيولوجية التي يمر بها الطلاب خلال هذه المرحلة العمرية لذلك لابد من قيام المشرف الاجتماعي بدوره وعدم غيابه ونأمل أن يتضاعف أعداد المشرفين الاجتماعية بمدارس المرحلة المتوسطة لضمان السيطرة على سلوكيات بعض الطلاب العدوانية خلال المرحلة العمرية.
ويضيف الطالب محمد طاهري أن العنف يتراجع بصورة واضحة في المدارس الثانوية مقارنة بالمدارس المتوسطة التي تضم عدداً من الطلاب الراغبين في إثبات وجودهم ورجولتهم.. باللجوء إلى العنف والعدوان في اعتقاد خاطئ من جانبهم لصورة الرجل المثالي.
وقال أن هذه المسألة عادية جداً في مثل هذه المرحلة لأنها غالباً ما تحدث بشكل متكرر يومياً بين الزملاء وغالباً ما يتصالحون في نهاية الدوام