المدرسة الفعالة.. في ظل المعايير القومية للتعليم

مقدمة ..ا. اسلام صلاح الدين
منذ أن أعلن الرئيس حسني مبارك مبدأ 'التعليم للجميع' باعتباره المشروع القومي الأكبر للتعليم في مصر قامت وزارة التربية والتعليم بطرح الخطط والحلول المستقبلية من خلال إعداد وثيقة لوضع تصور لاطار عام للمشروع الأكبر وهو تطوير التعليم آخذة في الاعتبار الوصول بالتعليم المصري إلي العالمية والقدرة علي المنافسة وتحقيق الهدف منه بخلق جيل من الشباب القادر علي بذل الجهد والعطاء ومواجهة التحديات ومشكلات المستقبل مستندا في ذلك علي تبني مهارات البحث والتفكير العلمي السليم سعيا وراء هدف منشود وهو 'التعليم للتميز والتميز للجميع'.
وفي هذا الاطار كان نتاج البحث والدراسة والاطلاع علي خبرات الدول التي سبقتنا في هذا المضمار اعداد الوثيقة القومية للتعليم في مصر متضمنة معايير ومؤشرات للأداء التربوي المتميز والفعال في مجالات خمسة أساسية، وهي: (المدرسة الفعالة، والمعلم، والمتعلم، والادارة المتميزة، والمشاركة المجتمعية، وأخيرا المنهج ونواتج المتعلم'.
والمدرسة الفعالة قادرة علي تعليم الطلاب المهارات والمعارف الأساسية، وتكسبهم الاتجاهات الايجابية المتعلقة بالمواطنة، وتتاح فيها فرص التعلم للجميع، وتهدف من خلال أنشطتها التربوية والتعليمية إلي تحقيق مبدأ التميز والثقافة بين الطلاب وصولا بهم إلي درجة عالية من الاتقان والابتكارية، وينعم فيها الطالب بالأمن والأمان، والمناخ الاجتماعي والنفسي الملائم للتعلم.
وقد ركزت الوثيقة علي طرح مفهوم وأهداف المدرسة الفعالة من خلال خمسة مجالات أساسية هي: (الرؤية والرسالة للمدرسة، والمناخ الاجتماعي المدرسي، والتنمية المهنية المستدامة، ومجتمع التعليم والتعلم، وتوكيد الجودة والمساءلة).
والرؤية والرسالة هي أولي الاهتمامات في المدرسة الفعالة وتحتم أن يكون لكل مدرسة هدف محدد ورسالة واضحة المعالم يشارك في إعدادها كل من الأطراف المعنية بفعالية ونجاح العملية التعليمية بالمدرسة.

*****أما المجال الثاني الذي تطرحه وثيقة المدرسة الفعالة ضرورة توافر المناخ الاجتماعي المدرسي لدعم وبناء جملة ونوعية المعتقدات والقيم الايجابية والتنمية الخلقية للعاملين والطلاب بالمدرسة، واستخدام وسائط التعليم الالكتروني والمكتبية وممارسة الأنشطة الاجتماعية والثقافية والرياضية والفنية والعلمية بفاعلية، كما يهدف إلي ضرورة تواجد وحدة تدريبية منتجة بالمدرسة تعمل علي توفير الاحتياجات التعليمية وتدريب الكوادر بها.
ويشير المجال الثالث إلي عمليات التنمية المهنية المستدامة للعاملين بالمدرسة بما ينعكس ايجابيا علي مستويات الأداء داخل المدرسة، من خلال التقويم الذاتي المستمر للأداء المهني للعاملين، واستثمار الفرص المتاحة للتنمية المهنية من خلال التعامل بكفاءة مع مصادر المعرفة المتنوعة واجراء البحوث الميدانية التي تتناول قضايا ومشكلات التعليم، وأن يلتزم جميع العاملين بالمدرسة بأخلاقيات وآداب المهنة، واللوائح والقوانين المنظمة لسير العمل. ويتناول المجال الرابع مجتمع التعليم والتعلم في اشارة إلي ثقافة التعليم والتعلم السائدة في المدرسة من حيث الرؤية التكاملية، والتعليم المتمركز حول التلميذ والقائم علي الاستقصاء والسؤال، والابداع، واستخدام التكنولوجيا، والرؤية المهنية، وبناء الشخصية المتكاملة، في اطار الربط بين ما يتعلمه الطالب في المدرسة والمهارات الحياتية في المجتمع المحيط من خلال الأنشطة الصفية واللا صفية، والأخذ بمفهوم التقويم الشامل والمستمر للطالب في كافة انجازاته واداءاته وأنشطته التي يقدمها، مع اهتمام المدرسة بتوفير مصادر التعلم المتنوعة لكل من المعلم والطالب كالانترنت والحاسبات والمكتبات ومراكز مصادر التعلم، وتوظيف تكنولوجيا التعليم والمعلومات في سير ونجاح العملية التعليمية.

*****أما المجال الخامس والأخير من مجالات المدرسة الفعالة فيشير بوضوح إلي توكيد الجودة والمساءلة من خلال ادراك المدرسة لأهمية وفعالية التقويم الشامل والمستمر (الذاتي والخارجي) ومشاركة جميع العاملين والطلاب وأفراد المجتمع المحلي للحكم علي أداء المدرسة لدورها بفاعلية وكفاءة، مع الاهتمام بادراك العاملين بالمدرسة لأهمية المحاسبة علي المستوي الفردي ومستوي اللجان والتقارير الدورية للكفايات المهنية، مع قيام المدرسة بعمليات جمع وتحليل البيانات والوصول إلي النتائج بهدف التخطيط لتطوير الأداء في ضوء الرؤية والأهداف والرسالة الواضحة للمدرسة.
خلاصة القول: ان مدرسة بمثل هذه المواصفات وتتبني هذه الآليات وتمتلك المقومات الأساسية لأداء رسالتها الواضحة وتحقيق أهدافها المنشودة آخذة بمبدأ الجودة الشاملة والتعليم للتميز والتميز للجميع، فهي التي ننشدها من أجل تحسين مخرجات العملية التعليمية ورفعة شأن المجتمع وتقدمه. والمدرسة وحدها لا تستطيع أن تحقق ذلك إلا من خلال مشاركة مجتمعية من الجميع ومساندة ودعم كافة الجهات والمؤسسات المعنية بالارتقاء بمستوي التعليم في مصر.