ابراهيم ابوالخير Admin
عدد المساهمات : 263 تاريخ التسجيل : 25/11/2007 الموقع : aboalker.ahlamontada.com
| موضوع: مفهوم المواطنة : 1/5/2009, 02:35 | |
| مفهوم المواطنة : المواطنة نسبة إلى الوطن وهو مولد الإنسان والبلد الذي هو فيه، ويتسع معنى المواطنة ليتمثل التعلق بالبلد والانتماء إلى ثراته التاريخي ولغته وعاداته. يشكل مفهوم المواطنة في سياق حركة المجتمع وتحولاته، وفي صلب هده الحركة تنسج العلاقات وتتبادل المنافع وتخلق الحاجات وتبرز الحقوق وتتجلى الواجبات والمسؤوليات، ومن تفعل كل هده العناصر يتولد موروث مشترك من المبادئ والقيم والعادات والسلوكات، يسهم في تشكيل شخصية المواطن ويمنحها خصائص تميزها عن غيرها. وبهذا يصبح الموروث المشترك حماية وأمانا للوطن والمواطن. فالمواطنة حقوق وواجبات وهي أداة لبناء مواطن قادر على العيش بسلام وتسامح مع غيره على أساس المساواة وتكافؤ الفرص والعدل، قصد المساهمة في بناء وتنمية الوطن والحفاظ على العيش المشترك فيه، ولمفهوم المواطنة أبعاد متعددة تتكامل و تترابط في تناسق تام: * بعد قانوني يتطلب تنظيم العلاقة بين الحكام والمحكومين استنادا إلى العقد اجتماعي يوازن بين مصالح الفرد والمجتمع. * بعد اقتصادي اجتماعي يستهدف إشباع الحاجيات المادية الأساسية للبشر ويحرص على توفير الحد الأدنى اللازم منها ليحفظ كرامتهم وإنسانيتهم. * بعد ثقافي حضاري يعنى بالجوانب الروحية والنفسية والمعنوية للأفراد والجماعات على أساس احترام خصوصية الهوية الثقافية والحضارية ويرفض محاولات الاستيعاب والتهميش والتنميط. وفي كلمة واحدة يمكن اعتبار المواطنة كمجموعة من القيم والنواضم لتدبير الفضاء العمومي المشترك ويمكن تحديد أهم تجليات المواطنة في أربعة نواضم: 1- الانتماء: أي شعور الإنسان بالانتماء إلى مجموعة بشرية ما وفي مكان ما (الوطن) على اختلاف تنوعه العرقي والديني والمذهبي، مما يجعل الإنسان يتمثل ويتبنى ويندمج مع خصوصيات وقيم هده المجموعة. 2 - الحقوق: التمتع بحقوق المواطنة الخاصة والعامة كالحق في الأمن والسلامة والصحة والتعليم والعمل والخدمات الأساسية العمومية وحرية التنقل والتعبير والمشاركة السياسية ... 3 - الواجبات: كاحترام النظام العام والحفاظ على الممتلكات العمومية والدفاع عن الوطن والتكافل والوحدة مع المواطنين والمساهمة في بناء و ازدهار الوطن. 4- المشاركة في الفضاء العام: المشاركة في اتخاذ القرارات السياسية (الانتخاب والترشيح) وتدبير المؤسسات العمومية والمشاركة في كل ما يهم تدبير ومصير الوطن. التربية على المواطنة: إن المواطنة محضنا للهوية وللخصوصيات الحضارية تستسلم وضعها في محطيها الإقليمي والدولي عن طريق الانفتاح على كل الأوطان، والاطلاع على تجارب الآخرين، فالانغلاق يؤدي إلى الجمود والاضمحلال والاندماج والتلاقح المتزن يؤدي إلى التطور والازدهار وغاية المواطنة على المواطنة إن تمكن الإنسان من آليات التنمية الذاتية والانفتاح على المحيط وقد لحض صاحب الجلالة في خطابه بتطوان 20 غشت 2004 كل هذه الأبعاد بقوله: "إن المواطنة التي نريدها لا ينبغي أن نختزل في مجرد التوفر التشكيلي على بطاقة تعريف أو جواز سفر. وإنما يجب أن تجسد في الغيرة على الوطن والاعتزاز بالانتماء إليه والمشاركة الفعالة في مختلف أوراش التنمية التي نتمناها وطنية كانت أو جهوية أو محلية وتوسيع إشعاعه العالمي". ومن مزايا التربية على المواطنة أنها تعيد التوازن بين ما هو محلي وما هو كوني للتخفيف من وطأة قيم العولمة وما ترتب عنها من انهيار للحدود بين الثقافات المحلية والعالمية وما صاحب ذلك من أثار سلبية. وذلك للمحافظة على الهوية الوطنية والخصوصية الثقافية بشكل يضمن الانتماء الذاتي والحضاري للمواطن. وتتجلى أهمية التربية على المواطنة، بالنسبة في المغرب، في كونها ترسخ الهوية المغربية الإسلامية والحضارية بمختلف روافدها في وجدان المواطن، كما ترسخ حب المواطن والتمسك بمقدساته تعزيز الرغبة في خدمته وفي تقوية قيم التسامح والتطوع والتعاون والتكافل الاجتماعي التي تشكل الدعامة الأساسية للنهوض بالمشروع التنموي للمجتمع المغربي. ولعل من المفيد التذكير أن ممارسة المواطنة ليست مرهونة بالرشد القانوني الذي يخول المشاركة في الحياة السياسية وخاصة العمليات الانتخابية بل إن لكل مرحلة، بدءا من السنوات الأولى للطفل، أشكال وصيغ لشكل الممارسة من قبيل التحسيس ووضع تصورات عملية حول سلوكات يومية مستكيفة مع كل فئة عمرية من شانه أن يحدث مع مرور الزمن وتضافر جهود أطراف أخرى، ذلك التراكم الذي يغرس قيم المواطنة في تضافر الفكر والوجدان ويجعل بلورتها وتفعيلها أمرا طبيعيا ودائما. الجدل حول مبدأ المواطنة . بقلم: د. علي الدين هلال
أثارت مقترحات التعديلات الدستورية جوا من الحوار حول دائرة واسعة من قضايا الشأن العام لعل من أهم جوانبها النقاش حول مبدأ المواطنة, وإلي ماذا يشير هذا المفهوم, وهل هو فكرة جديدة علي حياتنا السياسية, ولماذا يطرح الآن؟. والحقيقة أن المواطنة ليست مصطلحا أو مفهوما جديدا علي الحياة السياسية المصرية. فمصر دولة تاريخية قديمة, انصهرت المكونات المختلفة لشعبها عبر التاريخ في بوتقة جعلت من هذه المكونات نسيجا موحدا يقوم علي أساس المعيشة المشتركة. وجاءت الثورات المصرية في أعوام1952,1919,1882 لتؤكد أن المواطنة هي أساس بناء مؤسسات الدولة المصرية الحديثة. ومن الناحية النظرية يشير مفهوم المواطنة إلي ثلاثة جوانب. فهو أولا, يتضمن علاقة قانونية هي علاقة الجنسية. وهي علاقة بين الفرد والدولة بمقتضاها تسبغ الدولة جنسيتها علي عدد من الأفراد وفقا للقوانين المنظمة ذلك. وهو ثانيا, يشير إلي علاقة سياسية تشمل مجموعة من الحقوق والحريات والواجبات. فالمواطنون وحدهم هم الذين من حقهم الاستفادة من الخدمات الاقتصادية والاجتماعية التي تقدمها هيئات الدولة, وهم وحدهم الذين يحق لهم ممارسة الحقوق السياسية كالانتخاب والترشيح وتكوين الأحزاب, وهم وحدهم أيضا الذين عليهم واجب أداء الخدمة العسكرية. ومؤدي ذلك أن مفهوم المواطنة يرتبط ارتباطا وثيقا بمشاركة المواطن في الحياة العامة. ثم هو ثالثا, علاقة معنوية وعاطفية ترتبط بحب الوطن والولاء لمعطياته ورموزه من لغة وتاريخ وثقافة وغير ذلك من رموز الهوية والانتماء. وبالنسبة لأغلب الناس, فإن الجوانب الثلاثة للمواطنة تتطابق مع بعضها البعض. أي أن أغلبية مواطني دولة ما يعيشون علي أرضها, ويشاركون في أنشطة مؤسساتها السياسية والاجتماعية, ويرتبطون معنويا برموزها. ولكن ترد استثناءات علي ذلك مثل الأشخاص الذين يحملون جنسية اكثر من دولة ويمكنهم ممارسة حقوق المواطنة في الدولتين وفقا للقوانين المنظمة لذلك. من ناحية أخري, قد ترد قيود علي ممارسة بعض حقوق المواطنة كحق الترشح للبرلمان ومثال ذلك الحكم الصادر في مصر بمنع مزدوجي الجنسية من الترشيح لمجلس الشعب أو بمنع من لم يؤد الخدمة العسكرية من هذا الحق. هذه المفاهيم, في جملتها, ارتبطت بظهور الدولة الوطنية الحديثة وتبلور العلاقة بين المواطن والدولة علي نحو غير مسبوق في التاريخ. فالمواطنة تشير في معناها القانوني إلي أحد أركان الدولة الحديثة وهو' الشعب' الذي يتكون من مجموعة الأفراد الذين تمارس مؤسسات الدولة ولايتهم عليها ويخضعون لقوانينها. ومن ثم, فإن حدود الجماعة السياسية المصرية تتماثل مع حدود المواطنة المصرية, ويشارك فيها المصريون دون سواهم. وبنفس المنطق, فإن المواطنة تمثل رباطا سياسيا بين المواطن والدولة يكون من شأنه ترتيب مجموعة من الحقوق والواجبات العامة لعل أهمها انفراد المواطنين بالحق في اختيار حكامهم من خلال انتخابات دورية حرة ونزيهة, وأن يكون لهم دورهم في الرقابة علي سلوك الحكام من خلال مؤسسات تمثيلية منتخبة, وكذا من خلال الرأي العام وهيئات المجتمع المدني. ومن هنا نشأ الارتباط الوثيق بين مبدأ المواطنة وفكرة تكافؤ الفرص والحقوق المتساوية من ناحية, وكذلك ارتباط هذا المبدأ بالنظام الديمقراطي من ناحية أخري. فلا مواطنة بدون مساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء الوطن الواحد بغض النظر عن الدين والمذهب والنوع والأصل, وهذا هو جوهر المادة40 من دستورنا الحالي. ويكون من تبعات المواطنة الحقة التأكد من تمتع جميع المواطنين بهذه الحقوق وبحث المعوقات التي يمكن أن تؤدي إلي عدم تحقق ذلك بالنسبة لمجموعة أو أخري منهم. من ناحية أخري, فإنه ليس من المبالغة القول بأن ممارسة حقوق المواطنة بشكل كامل تتطلب توافر نظام سياسي ديمقراطي. فالمواطنة والديمقراطية صنوان ووجهان لعملة واحدة. فممارسة حقوق المواطنة تتطلب مناخا ديمقراطيا. وبنفس المنطق, فإن ممارسة الحقوق والحريات السياسية والاجتماعية يكون من شأنها ترسيخ قيم المواطنة ودعم مشاعر الولاء والانتماء للوطن. فعندما يدرك المواطن بأن صوته ورأيه يساهمان في تحديد الأولويات ورسم السياسات العامة, فإن من شأن ذلك زيادة ارتباطه ببلده ووطنه. وهكذا, فإن المواطنة هي فكرة جامعة تضم بين ظهرانيها أبناء الشعب الواحد علي تنوع المكونات الدينية والسلالية والعرقية والقبلية والطائفية التي يشملها هذا الشعب, وهي بمثابة' القاسم المشترك' الذي يربط بين هذه المكونات ويحقق ترابطها وائتلافها الوطني في إطار الدولة. ومن الخطأ البالغ قصر مفهوم المواطنة علي علاقات التنوع الديني مثل العلاقة بين أبناء الديانات المختلفة في مجتمع ما. فذلك يمثل أحد جوانب المفهوم الذي يشمل أيضا ضمان المساواة بين المواطنين علي أساس النوع أي العلاقة بين الرجال والنساء, والمساواة بين المذاهب والطوائف الذين ينتمون إلي نفس الدين, والمساواة في الخدمات بين المواطنين الذين يعيشون في مناطق مختلفة من إقليم الدولة, وضرورة توفير الخدمات الأساسية لكل المواطنين بغض النظر عن مكان إقامتهم, وكذا المساواة بين المواطنين دون اعتبار للأصل أو اللون. ومؤدي ذلك أن علاقة الدولة بمواطنيها هي علاقة سياسية وقانونية في المقام الأول تنهض علي المساواة بين جميع المواطنين, وأن تكون الجدارة والكفاءة هي الأساس في التمتع بالحقوق والخدمات التي تقدمها هيئات الدولة. أما عن لماذا الآن والأسباب التي دعت إلي اقتراح إدخال مبدأ المواطنة في المادة الأولي من الدستور كأساس تقوم عليه الدولة, فإن السبب الرئيسي يكمن في متابعة ما يحدث في عدد من الدول العربية التي تتعرض اليوم لعمليات' التجريف' الاجتماعي والطائفي تحت تأثير أفكار وتوجهات مذهبية وطائفية مسمومة تقسم أبناء الوطن الواحد علي أساس الدين أو الطائفة أو الأصل أو العرق. ومطلوب منا جميعا حماية بلادنا من تأثير هذه الأفكار المسمومة والاتجاهات الفاسدة, وذلك من خلال إعادة الاعتبار لمبدأ المواطنة الذي سعت بعض الآراء إلي التهوين من شأنه والتقليل من قدره لحساب ولاءات أخري. فالمواطنة هي العمود الفقري والأساس الدستوري لكافة الحقوق والحريات في الدولة. ومن ثم, تصبح' حقوق المواطنة' هي أساس جميع الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية التي ينص عليها الدستور والقانون. ويكون شيوع ثقافة المواطنة هو تأكيد لثقافة الديمقراطية, وتأكيد للحقوق المتساوية لكل المواطنين. ومن الضروري تأكيد أن النص علي أن الدولة المصرية تقوم علي مبدأ المواطنة في الدستور هو ليس نهاية المطاف, بل أن يكون هذا النص منطلقا لممارسات فعلية تضمن تطبيق حقوق المواطنة وحرياتها, وأن تتوافر نظم المتابعة والرقابة القانونية والسياسية والشعبية لهذه الممارسات. بهذا, يتحول مبدأ المواطنة من نص دستوري إلي واقع حي معاش يلمسه المواطنون في حياتهم اليومية. إن مصر وطن لكل المصريين. وطن يقوم علي العيش المشترك الواحد لكل أبناء الشعب. لذلك كان من الطبيعي أن يحظي الاقتراح بتعديل المادة الأولي من الدستور بشأن مبدأ المواطنة بدعم كافة الأحزاب المصرية وتأييدها. | |
|